الأستاذ حسن ساباز: التاريخ يعيد نفسه

يكشف الأستاذ حسن ساباز كيف يعيد حصار غزة ومجازره المشهد التاريخي للمذابح، مؤكدًا أن صمود أهلها وإيمانهم يكسر دائرة التكرار ويجعل مقاومتهم مثالًا عالميًا للثبات في وجه الظلم.
كتب الأستاذ حسن ساباز مقالاً جاء فيه:
يُعرَّف الديجافو بأنه الإحساس بحدث يعيشه الإنسان وكأنه قد عاشه من قبل، أو رؤية مشهد يبدو مألوفًا رغم أنه يحدث لأول مرة.
ولمن يقرأ التاريخ، فإن ما يجري اليوم في غزة ليس إلا صورة جديدة من صور هذا "الديجافو".
على مرّ العصور ظهر طغاة يشبهون نتنياهو، أشعلوا الحروب وأبادوا الشعوب، وتركوا المدن التي دخلوها خاوية على عروشها، بعضهم كان أكثر دموية، غير أنّ محدودية قوتهم حالت دون تنفيذ مذابح واسعة كما يفعل الاحتلال الصهيوني اليوم.
عندما دخل الصليبيون القدس عام 1099، قتلوا جميع سكان المدينة حتى الحيوانات، ولم يتركوا كائنًا حيًا واحدًا.
أما المغول، فقد ارتكبوا مذابح مشابهة في كل مدينة دخلوها، غير أن ما عُرف بـ"مجزرة بغداد" كان أشدها هولًا.
حفيد جنكيز خان، هولاكو أحد أعظم قتلة التاريخ، جاء في عام 1258 بجيش يستمتع بالقتل، وحاصر بغداد.
كان حصارًا كاملًا شبيهًا بحصار غزة اليوم.
لم يهبّ أحد لنجدتها، ولم يجرؤ أحد على ذلك فقد بثّ المغول الرعب في قلوب الملوك والأمراء المحيطين بها. بعضهم اصطفّ مع المغول للنجاة بنفسه أو طمعًا في المال والسلطان.
أهل بغداد قاوموا وصدّوا جيش هولاكو مرارًا، لكن قواهم خارت، وكسر الحصار العزائم، وطال انتظار المدد بلا فائدة.
دخل جيش المغول بغداد وارتكب مجزرة وحشية لم تفرّق بين النساء والأطفال.
قُتل عشرات الآلاف بل مئات الآلاف، وتحدثت بعض المصادر عن 100 ألف قتيل، وأخرى عن 400 ألف.
أُحرقت المساجد ودُمّرت المستشفيات والمدارس والمكتبات، تمامًا كما يحدث اليوم في غزة.
المدن التي لم تهبّ لنصرة بغداد واجهت المصير نفسه لاحقًا واحدة تلو الأخرى.
وكذلك فإن الصهاينة الذين يضربون لبنان وسوريا واليمن وإيران وقطر، ويهددون سائر دول المنطقة، إنما يعيدون المشهد ذاته.
لكن الفرق أن مقاومة غزة أشد ثباتًا من مقاومة بغداد، وأن أهلها يستندون إلى إيمان وتسليم لا نظير له في العالم.
لقد تجلّت روح الصحابة بعد 1400 سنة في غزة، وهذا بالذات ما كسر دائرة "الديجافو".
فعندما دخل أحفاد الصليبيين بغداد عام 2003، لم يقاوم البغداديون كما قاومت غزة، فاقتصر القتل نسبيًا.
لكن هؤلاء أنفسهم، بحجة "داعش"، قصفوا الموصل والرقة أيامًا طويلة، فمات الآلاف تحت ركام المباني، وبقيت الجثث تحت الأنقاض لسنوات.
أما ما فعله "ورثة المغول" في حلب بتدميرها بالكامل تقريبًا، وما وقع في مخيم اليرموك من حصار وموت جوعًا، وما حدث للناس وهم في طوابير الخبز من قصف بالبراميل المتفجرة… ألا يذكّركم بكل ذلك؟
إذن ما تفعله العصابة الصهيونية في غزة من حصار وتجويع ومن قصف البيوت والخيام بمن فيها ليس جديدًا؛ إنه تكرار لمشاهد عشناها مع الصليبيين والمغول وورثتهم.
إننا نعيش هذا "الديجافو" مرارًا، ومع ذلك ثمة فرق جوهري لغزة:
فهي منذ نحو 24 شهرًا، تقاتل قوىً عسكرية تُعد الأكبر في العالم، لا تحمل أي قيمة إنسانية ومع ذلك يبدي أهلها مقاومة أسطورية.
نعم هناك "ديجافو" في موقف الظالم، في الحصار، وفي صمت العالم… لكن العالم لا يرى كثيرًا أمثال يحيى السنوار ومحمد الضيف.
ومنذ نحو عامين تقف شامخة في وجه أعتى قوة عسكرية في العالم، لتصنع من دمائها وصمودها لحظة فارقة في التاريخ، وتمنح العالم مثالًا على أن الشعوب قادرة على كسر "الديجافو" بالثبات والإيمان. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن الهجمات الوحشية تتصاعد في غزة وفلسطين، وأن الشجاعة والتوحد هما السبيل لمواجهة الاحتلال قبل أن تتفاقم الكارثة.
أوضح الدكتور "عمر الجيوسي"، في مقالة وصلت وكالة إيلكا İLKHA نسخة منها، أن رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو، يُعد من أكثر قادة الاحتلال تشدداً، صاغته بيئة عائلية مشبعة بالكراهية للعرب والمسلمين، وجعلته مهووساً بالبقاء السياسي مهما كان الثمن. مشيراً إلى أن سياساته القائمة على العنف والتصعيد حوّلت المنطقة إلى ساحة صراعات دموية متواصلة.
يسلط الأستاذ حسن ساباز الضوء على أهمية النقاشات الدستورية باعتبارها مرآة تكشف المواقف الحقيقية تجاه الحريات والقيم، مؤكدًا أن الدستور ليس مجرد ورقة قانونية، بل هو العقد الجامع الذي يرسم مستقبل الدولة وعلاقتها بشعبها، ويجب أن يستمد من قيم وإرادة الشعب التركي.